هل عندك شك إن مصر بتتطور وإن بلدنا بتتقدم بينا؟ هل عندك شك إننا بنعيش حضارة وازدهار؟ هل عندك شك إن مصر قلعة الثقافة ومنارة الفنون؟.. مع الاعتذار لكاظم الساهر فيه أمور ماينفعش فيها الشك.. فيه أمور بتبقى واضحة وصريحة..
مصر بتتقدم.. طبعا، بلدنا بتتطور.. أكيد، بنعيش حضارة وازدهار.. وهو فيه أحسن من كده، مصر قلعة الثقافة ومنارة الفنون.. وهو فيه دولة زي مصر!
عندنا مشاكل في البطالة.. عادي، في التعليم.. موجودة من زمان، في الإسكان.. ومالها الشوارع! الأسعار بتزيد.. العالم كله بيزيد، الضرائب عمالة تنزل فوق دماغ الناس.. وهي الحكومة هتجيب فلوس منين بس!
الاقتصاد في النازل.. مين اللي قال كده، الديمقراطية.. لأ بقى ده احنا بنعيش في أزهى عصور الديمقراطية، حقوق الإنسان.. على رأي عادل إمام مصر أثبتت إنها سباقة في المجال ده من ساعة ما اهتمت بحقوق المتوفين وأدخلت أصواتهم في الانتخابات!
ومادامت الحياة زي الفل والدنيا بمبي بمبي والمركب سايرة على بركة الله زي نورماندي خلينا نبعد عن بلاوي السياسة وكوارث الاقتصاد ونركز في الأهم على الجانب الثقافي.. على مصر اللي طول عمرها هوليوود الشرق.. وكمان على الجانب الرياضي اللي بيحسسك إن مصر فيها 75 مليون محلل كروي!
طبعا وزي ما قلنا فيه أمور ماينفعش فيها الشك.. مصر أم الدنيا وأم الفنون وهي هوليوود الشرق لكن الملاحظ إن البساط بدأ ينسحب شوية شوية من تحت رجلينا وظهرت دراما سورية وشركات إنتاج خليجية لكن كل ده مش مهم طالما إن الشعب.. اللي هم المصريين يعني عندهم وعي واهتمام بالفن.. هذا الاهتمام الذي تجلى وظهر وكشف عن وجهه القبيح مع خالد يوسف ويوسف شاهين!
الملاحظ في أفلام خالد يوسف أنها دائما مثار جدل لكن هذا لا يمنع أي مواطن حقاني من الاعتراف بأنه راجل فاهم شغله كويس يعني محترف عنده إتقان للسينما وبراعة إخراجية غير متوفرة في كثيرين كما أنه يطرح أفكارا طازجة آخرها كان "الريس عمر حرب".
"الريس عمر حرب" فيه رائحة فيلم آل باتشينو وكيانو ريفز الرائع "the devil's advocate" وفيه إخراج وتمثيل وصورة وسيناريو ولا أروع على رأي أحمد شوبير وهو فيلم كفيل بقلب صناعة السينما في الخارج هذا لو كانت صناعته قد تمت في الخارج لكن بما أن صناعته تمت هنا في منارة الفنون فالأمر اختلف.
ترك النقاد الفكرة والسيناريو والصورة وكل شيء وانتقدوا المشاهد الجنسية في الفيلم وهو حق مشروع لهم فالبعض قد يقول ما يعجبه والبعض قد يقول ما استاء منه وهذه ليست المشكلة.. المشكلة تمثلت في ذلك البعبع!
أينعم البعبع الذي يتم إخراجه في الوقت المناسب أمام أي عمل يدور حوله جدل.. "الإساءة إلى المرأة".. دعك من فكرة الريس عمر حرب ودعك من الحوار الفلسفي ودعك من الممثلين ودعك حتى من المشاهد الجنسية فالمشكلة الأهم التي ركز عليها بعض النقاد أن خالد يوسف يتعمد الإساءة إلى المرأة المصرية وإظهارها في صورة "ياي" سيئة.. صارت المرأة بعبع بيخوفوا بيه المبدعين من أنك لو قدمت عملا أنا -وأنا هذه تعود على أي ناقد أو أي شخص يطلق على نفسه ناقد- غير راض عنه سوف أفضحك وأرفع عليك دعوى وأبهدلك لأنك تسيء للمرأة.. واضح إن الإبداع في تطور مستمر والمنارة لسه منورة!
ما زاد الطين بلة هو ما حدث مع يوسف شاهين.. تتفق أو تختلف على شخصية شاهين.. تحبه أو تكرهه.. تشاهد أفلامه أو ترفض مشاهدتها.. فلا تنكر أنه أستاذ في مجاله.. دعك من الأفلام التي يراها البعض مكلكعة لكن هل يمكنك أن تنسى الأرض.. الناصر صلاح الدين.. صراع في الوادي.. صراع في الميناء.. جميلة بوحريد؟
دعك من كل هذا واعتبر أفلامه فاشلة وتعامل معه كإنسان عادي مريض.. فور أن نشرت أخبار إصابته بنزيف في المخ ودخوله في غيبوبة إلا وتوالت التعليقات وهذه من البعض وليس من الكل بالطبع ولكن اسمع معي جانبا من القصيدة.. "يغور في داهية.. يالاّ يريحينا.. ربنا ياخده.. من أعماله.. هيقابل ربنا ازاي بأفلامه اللي عملها".. وهذا ما يسمح بنشره ناهيك عما لا يمكن نشره من وصلات شتائم تؤكد أن السينما بخير وإن المنارة لاتزال منورة!
سيبك م الفنون.. بلاها الفنون.. امشِ يا فنون.. نخش ع الرياضة.. ما شاء الله ما شاء الله الأسبوع الماضي بدأت انتخابات نادي الزمالك.. نادي المبادئ العريقة فأراد مرتضى منصور ترشيح نفسه ولأنه سبقت محاكمته واتهامه فتم إسقاط عضويته وهو ما يمنع ترشيحه..
مرتضى رفع قضية ببطلان قرار شطب العضوية فقام رئيس نادي الزمالك الحالي بتقديم طلب يوجب رد من المحكمة وهذا الرد سيستغرق عدة أيام يكون فيها قد أغلق باب الترشيح وهو الأمر الذي رفضه مرتضى وأعوانه فقاموا بالذهاب لنادي الزمالك للترشيح بغض النظر عن إن قرار المحكمة لم يصدر وإنه أصلا تم إسقاط عضويته وكالعادة مصادمات ومناوشات وملامسات وعادي جدا لاتزال القضية مستمرة ولسه الرياضة في مصر مزدهرة!
أما نادي الإسماعيلي بقى فما شاء الله ما شاء الله مجلس الإدارة الثالث له تم حله من جديد بقرار من رئيس الجهاز القومي للرياضة حسن صقر وذلك لأن رئيس مجلس إدارة المجلس السابق طلب إجراء انتخابات في النادي بالمخالفة لقرار حسن صقر وقرار الحل لم يعجب المجلس السابق وحدثت مصادمات ومناوشات وملامسات وتوصلوا إلى تعيين مجلس جديد يكون من أعضائه بعض رجال المجلس السابق حتى يكون هناك حل وسط ثم تقدم رئيس المجلس السابق بالاستقالة والنادي الإسماعيلي يسير من سيئ إلى أسوأ، ومعاناته مستمرة ومشروعاته متوقفة ولاعبوه يفرون إلى أندية أخرى وأزمة حسني عبد ربه التي لم يتم حلها بعد قد يتكرر غيرها وغيرها.. لكن كل هذا لا يمنع أن الحياة زي الفل وأن الرياضة في مصر لاتزال مزدهرة!
السؤال الذي يطرح نفسه طالما أن الناس حالتها كرب وزهقانة من نفسها وطالما أن بلاها سياسة بلاها اقتصاد وطالما أن اللي بيرفه عنهم في حياتهم هو الرياضة والفن يبقى ليه بنحاول ننزل بيهم كل يوم أكتر من اللي قبله؟ لماذا نتفنن في إيجاد "بعبع" في وجه من نرفضه بدلا من محاولة إيجاد مساحة للحوار والارتفاع بمستوى الفنون؟ لماذا نتمنى الموت لفنان كرس حياته لفنه حتى لو اختلفنا معه؟ لماذا نبدع أكثر وأكثر في تخريب الأندية الرياضية طالما أن الرياضة هي المتعة الوحيدة في حياتنا؟
لكن لماذا لا نفعل طالما أن كل حاجة في حياتنا ماشية وكله بقى عادي ومفيش حاجة مهمة وأهو كله يسير على بركة الله في مجراه ومرساه.. على طريقة الباخرة "نورماندي"!
موضوع: سلاطة 
الجمعة يونيو 20, 2008 10:01 pm
