وحدة قياس «الأتو» أقصر وقت يمكن قياسه.. وأكثر المقاييس دقة إلى الآن
أحدث اختراع ..
كل من يظن أن النانو هو رمز الصغر عليه أن يعيد
التفكير مرة أخرى، فالنانوليس سوى واحد على مليار من الشيء المراد قياسه،
ولكن هناك دراستين جديدتين تمحور موضوعهما عن حجم جديد تم قياسه وهو
«الأتّو»، والأتو يساوي واحد على مليار نانو.
وتعكف مجموعة علماء من جامعة فيينا للتكنولوجيا بقيادة فرينك كروز في
دراسة قياس زمني جديد وهو «الأتوثانية»، وقدموا نشرة تفصيلية لقياسهم الذي
يعتبر أدق وحدة قياس على الإطلاق تم تسجيلها حتى الآن، حيث كانت ۱۰۰
أتوثانية، وفي هذا الأثناء تمكن هارولد كريغهيد وزملاؤه من جامعة كورنيل
من وضع مجموعة من المقاييس أكثر حساسية وتتمكن من قياس أجزاء من
الأتوغرام، حيث إن النتيجة الأخيرة لهذه الأبحاث على وشك الظهور.
وهذه النتائج التي خرج بها دكتور كروز وزملاؤه هي نتاج طبيعي لدراساته
المكثفة حول مدارات الإلكترونات حول نواة الذرة، وتساعد نظرية الكم في وضع
توقعات دقيقة حول طاقة تلك المدارات، وكانت آخر دراسات فريق كروز هي
التحقق من صدق هذه التوقعات.
ولكي يتمكن الفريق من قياس طاقة معينة استخدم ذبذبتين من ضوء الليزر
استمرت كل واحدة منها لفترة ۲۵۰ أتوثانية، وأدت الذبذبة الأولى إلى خروج
الالكترونات عن مدارها، أما الذبذبة الثانية أدت إلى تناثر الإلكترونات،
هذا التناثر قاد إلى زخم في حركتها في نفس الوقت الذي حافظت فيه على وضعها
في اتجاه مدارها الأصلي، وبما أن الزخم هوعبارة عن حركة الإلكترونات بشكل
مكثف وأن الإلكترونات جميعها تحمل نفس الثقل، كان قياس حركتها أمراً
كافياً ولكنه خادع في نفس الوقت، وقد نجح د. كروز في عملية القياس بتسجيل
أوقات وصول الإلكترونات المختلفة باستخدام أداة تُعرف باسم لوحة الكشف
متعددة القنوات، أراد بذلك أن يكون أكثر دقة بقدر المستطاع، متجنباً تسجيل
وصول مزدوج في آن واحد، وأكثر دقة في هذه الحالة قصد بها خلال ۱۰۰
أتوثانية، وهذا هو الحد الذي وضعه مبدأ هايسنبيرغ الشهير لتحديد الريبة
الذي يقول نصه: «دقة مقياس الوقت مقصورة على دقة مقياس الجهد أو الطاقة
المصاحبة»، وبحيلة بارعة في التعامل مع الذبذبات المتناثرة تمكن من بلوغ
الحد المعني.
هذا النوع من العمل مربك ومحيّر بعض الشيء، حيث كان لدى د. كريغهيد
وزملائه في الفريق هدفاً أكثر تركيزاً، وهو التعرف على الفيروسات من خلال
أوزانها وكوّن لدى الأنواع المختلفة من الفيروسات أوزاناً مختلفة، بينما
جميع الفيروسات من نفس النوع لها نفس كمية الوزن.
وتمكن د. كريغهيد وفريقه من صناعة ميزانهم الدقيق باستخدام رقائق سيليكون
كرستالية، وباستخدام موجات من الإلكترونات تمكن من ثني طرفي الرقيقة نحو
الأعلى بشكل متساوليشكل الطرف الثالث الأسفل قاعدة الميزان، وبوضع جسم على
أحد الطرفين يميل الميزان نحو ذلك الطرف، وتكاد أيضاً أن تهتز اهتزازاً
طفيفاً بترددات يحددها وزن الجسم، وقد قام هذا الفريق بقياس هذه الترددات.
وبدلا من الفيروسات تمكن فريق د.كريغهيد من قياس أصغر قدر من الذهب، حيث
بلغ وزن الجسم ۰،۳۹ أتوغرام أي نحو ۱۰،۰۰۰ ذرة، هذا القدر من حساسية الوزن
كفيلة بأن تقيس وزن الفيروس بشكل دقيق، وبالرغم من ذلك يعد هذا القدر من
الدقة ليس كافياً بالنسبة للدكتور كريغهيد الذي يسعى لبلوغ قياس أجسام
أكثر دقة ويتمكن من قياس وزن زيبتوغرام الذي يعادل ألف أتوغرام، وبهذا
الاكتشاف الذي تجاوز تقنية النانومن حيث الدقة ظهرت بوادر تقنية الزيبتو
في الأفق.