ازمة الحديد............الى متى ؟؟؟؟

بعد أيام قليلة من تقديم النائب والصحفي "مصطفى بكري" بلاغ إلى النائب العام بخصوص احتكار رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب وأمين التنظيم في الحزب الوطني "أحمد عز" لحديد التسليح، وهو البلاغ الذي حوله النائب العام إلى وزير الصناعة الذي حوله بدوره إلى رئيسة جهاز المنافسة ومنع الاحتكار "منى ياسين" التي لم يخرج منها أي بيان أو تقرير حتى الآن، نشرت شركة "حديد عز" إعلانا ضخما على صفحتين في أكثر من جريدة يومية تعلن فيه أن أقصى سعر بيع للمستهلك هو 5990 رغم أن السعر المتداول في السوق وصل في بعض المناطق إلى 8500 جنيه للطن الواحد.
لم يكتف الإعلان بهذا، بل حاول- بطبيعة الحال- تبرئة الشركة من تهمة الاحتكار محل التحقيق، وقال إنه من شدة حرص شركة "حديد عز" على توفير منتجاتها بالأسواق وتلبية الاحتياجات المحلية فإنها -أي الشركة- أوقفت صادراتها إلى الخارج تماما! وبعدما كانت هذه الصادارت وصلت إلى 697 ألف طن عام 2006 قلّت إلى 20 ألف طن فقط في عام 2008 بل إن هذه الصادرات الأخيرة كانت بسبب الالتزام بتعاقدات سابقة، وألمح الإعلان إلى أن هذا يأتي بخسارة على الشركة -تتحملها وهي سعيدة من أجل السوق المحلي- عندما قال إن الشركة تفعل ذلك "رغم ارتفاع هامش ربحنا من هذه المبيعات مقارنة بالسوق المحلية"، وفي إعلان سابق قالت الشركة إنها تشغل كافة خطوطها بأقصى طاقة لها رغم حاجتها الشديدة للصيانة من أجل أن توفر الحديد في السوق المحلية، وهكذا فعلت الشركة ما ترى أنه أكثر مما تتحمله "توقفت عن التصدير وتشغل الخطوط بأقصى طاقتها"، ولهذا جاء الإعلان ليحمل المستهلكين النسبة الأكبر من أزمة الحديد التي تعاني منها مصر منذ سيطرة "حديد عز" على السوق، وذلك عندما قال الإعلان بأن "هناك تكالب شديد من جانب بعض المستهلكين (أفراد وشركات المقاولات) لشراء الحديد وتخزينه للاستخدام المستقبلي وهو ما تزامن مع تنامي الطلب على الحديد في ظل الطفرة العمرانية الكبيرة التي تشهدها البلاد مما أسهم في بعض الاضطرابات بالسوق"، والجملة الأخيرة مهمة للغاية لأنها أول اعتراف رسمي بحدوث أزمة في سوق الحديد "الشركة سمتها اضطرابات"، كما أنها بدت وكأنها "إبراء ذمة" من "حديد عز" لأي أزمة حالية أو مستقبلية سيكون السبب فيها هو جشع الشعب.
هل هناك علاقة بين بلاغ مصطفى بكري للنائب العام وبين هذا الإعلان الأخير؟

أغلب الظن، نعم، فالشاهد أنه من الصعب جدا أن يتقدم "مصطفى بكري" لمناوشة "أحمد عز" بكل سلطاته ونفوذه من دون أن تكون هناك إشارات خضراء بهذا، والإشارات هذه ربما يكون الهدف منها التضحية بـ"عز" فعلا بعد تزايد الغضب الشعبي تجاهه، وإن كان هذا احتمالا واهيا لأن عز رقم مهم جدا في الحزب الوطني ومن الصعب التخلص منه على الأقل في الوقت الحالي ودون ظهور بديل، أما الاحتمال الثاني، فهو مرتبط بتهدئة الرأي العام لفترة وكسب مزيد من الوقت دون أن يعني ذلك اتخاذ قرارات مباشرة تمس سيطرة عز على الحديد "شركته تنتج 67.5% من إنتاج الحديد المصري"، وما يشير إلى ذلك هو أن النائب العام لم يأمر بالتحقيق المباشر في بلاغ "بكري" ضد "عز" وإنما سيفعل ذلك بعد قرار جهاز المنافسة ومنع الاحتكار، الذي لا يعرف أحد بماذا أو متى سيخرج.

قد يتعامل البعض مع هذه التفسيرات باعتبارها تندرج تحت "نظرية المؤامرة" الشهيرة لكن من قال إن عدم صلاحية هذه النظرية في بعض الحالات لا يصلح على الإطلاق؟